أحب العمل إلى الله 3
أَفْهَمُ دلالَةَ الحَديث الشريف:
يَذْكُرُ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم أَنَّ أَحَبَّ العَمَلِ إِلى اللَّهِ، مَا اسْتَمَرَّ عَلَيْهِ صَاحِبُهُ وَلَمْ يَنْقَطِعْ عَنْهُ، وَإِنْ كَانَ قَلِيلًا، فالعَمَلُ الصَّالِحُ إِذا داوَمَ عَلَيْهِ العَبْدُ كَانَ ذَلِكَ أَفْضَلَ؛ لِأَنَّ فِيهِ اعْتِيَادًا واسْتِمْرارِيَّةً عَلَى فِعْلِ الخَيْرِ، وَبِهِ يَنالُ مَحَبَّةَ اللَّهِ تَعَالَى.
قليلٌ دَائِمَ خَيْرٌ مِنْ كَثِيرٍ مُنْقَطِعٍ
يَخْتارُ المُسْلِمُ مِنَ العَمَلِ ما يَسْتَطِيعُ القِيامَ بِهِ لِيَتَمَكَّنَ مِنَ الْمُداوَمَةِ عَلَيْهِ، فَقَدْ كَانَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم يَتَّخِذُ حَصِيرًا فِي مَسْجِدِهِ، وَيَجْعَلُهُ حاجِزًا بَيْنَهُ وَبَيْنَ غَيْرِهِ بِاللَّيْلِ، فَيُصَلِّي، وَيَبْسُطْهُ بِالنَّهَارِ فَيَجْلِسُ عَلَيْهِ، فَأَخَذَ النَّاسُ يَرْجِعونَ إِلَى النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم فَيُصَلُّونَ مِثْلَهُ حَتَّى زادَ عَدَدُهُمْ، فَأَقْبَلَ له عَلَيْهِمْ فَقالَ: «يا أَيُّها النَّاسُ، خُذوا مِنَ الْأَعْمالِ ما تُطيقونَ؛ فَإِنَّ اللَّهَ لَا يَمَلُّ حَتَّى تَمَلُّوا، وَإِنَّ أَحَبَّ الأَعْمالِ إِلى اللَّهِ مَا دَامَ وَإِنْ قَلَّ» (رَواهُ البُخَارِيُّ).
إِنَّ الله تعالى لا يَمَلُّ مِنْ ثَوابِكَ حَتَّى تَمَلَّ مِنَ العَمَلِ.
فإِنَّ اللهَ لا يمل حتى تملوا
ما اسْتَمَرَّ العَمَلُ فِي حَيَاةِ العَبْدِ وَإِنْ كَانَ قَلِيلًا.
إن أحب الأعمال للهِ مادام وإنْ قُل
الاسْتِطَاعَةُ عَلى القيام بِالعَمَلِ سَبَبُ الِاسْتِمْرارِ فِيهِ.
خُذوا من الأعمال ما تطيقون
أن النبي صلى الله عليه وسلم الله كان حريصًا عَلَى عَدَمُ التَّشْدِيدِ وَالإِثْقَالِ عَلَى النَّاسِ.
اتخذ النبي حصيراً في المسجد وجعله حاجزاً مع غيره وصلى بالليل.
الاقتداء بالرّسولِ الله وَمَحَبَّتِهِ.
حرصه عليه الصلاة والسّلامُ على عدم التشديد والتخفيف على أمته
فَكُرُ وَأَتَوَقُعُ:
ماذا يَحْدُثُ إِذَا اسْتَمَرَّ العَبْدُ في عَمَلٍ صَالِحٍ يَجِدُ فِيهِ مَشَقَّةً فِي الحَالَتَيْنِ التَّالِيَتَيْنِ:
المُداوَمَةِ وَالصَّبْرِ عَلَى المَشَقَّةِ؟
التَّعب وترك العمل.
الِانْقِطَاعِ عَنِ الْعَمَلِ بِسَبَبِ المَشَقَّةِ؟
خسارة الأجر.
أَقْرَأَ ثُمَّ أَسْتَنْتِجُ:
عن أبي هريرة رضي الله عنه أَنَّ رَسولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم قَالَ: «أرأيتم لو أن نهرًا بباب أحدِكُمْ يَغْتَسِلُ مِنْهُ كُلَّ يَوْم خَمْسَ مَرَاتٍ هَلْ يبقى من درنه أي وسخه شيء؟ قَالُوا: لَا يَبْقَى مِنْ دَرَنِهِ شَيْءٌ . قالَ: فَذَلِكَ مَثَلُ الصَّلَواتِ الخَمْسِ، يَمْحو الله بهن الخَطايا. (رواه البخارِيُّ)
المداومة على الصلاة تغفرُ الذُّنوب .
قالَ رَسولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم: «إذا مَرِضَ العَبْدُ أَوْ سَافَرَ كُتِبَ لَهُ مِثْلُ ما كَانَ يَعْمَلُ مُقيمًا صحيحًا (رواه البخاري)
ثواب العمل الصالح لا ينقطعُ بالمرض أو السفر .
قالَ رَسولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم: «مَنْ نامَ عَنْ حِزْبِهِ أَوْ عَنْ شَيْءٍ مِنْهُ فَقَرَأَهُ فِيمَا بَيْنَ صَلاةِ الفَجْرِ
وَصَلاةِ الظهر كتِب له كأنمَا قرأه من الليل. (رَوَاهُ مُسْلِمٌ)
فضل العبادة وأجرُ المواظبة عليها .
إِنَّ الْإِنسَانَ خُلِقَ هَلُوعًا ﴿١٩﴾ إِذَا مَسَّهُ الشَّرُّ جَزُوعًا ﴿٢٠﴾ وَإِذَا مَسَّهُ الْخَيْرُ مَنُوعًا ﴿٢١﴾ إِلَّا الْمُصَلِّينَ ﴿٢٢﴾ الَّذِينَ هُمْ عَلَى صَلَاتِهِمْ دَائِمُونَ ﴿٢٣﴾ وَالَّذِينَ فِي أَمْوَالِهِمْ حَقٌّ مَّعْلُومٌ ﴿٢٤﴾ لِّلسَّائِلِ وَالْمَحْرُومِ ﴿٢٥﴾
الرابط بين الآيات السابقة والمداومة على العمل الصالح هو
الفوز في الدنيا والآخرة .